صندجة... للأديبة مها حيدر
صندقچة
صعدنا في ( الربل)، عربة خشبية جميلة يجرها الحصان، مكشوفة من الأعلى لنرى السماء وشمسها بأبها صورة تسعدنا بجمال منظرها ونسيم هوائها، ذاهبين إلى جدتي شوقًا لرؤيتها.
دخلنا إلى بيتها، جمال في كل شيء.. القهوة جاهزة في الدلة، ورائحة ( الدولمة) تعم المكان، المفروشات جميلة وألوانها زاهية تملأ المكان بهجة وسرورًا.
- مرحبًا ( بيبي ) .. كيف حالك؟
- أهلا وسهلًا حبيبتي الجميلة، أنا بخير، (نورتوا) البيت.
اجتمعت العائلة في الحديقة قرب شجرة ( النارنج ) والسعادة لاتفارقهم، أما أنا وبقية الأطفال فقد بدأنا اكتشاف البيت ومحتوياته، باختصار ( مغامرة) .
وجدنا دمية جدتي القديمة فذهبنا بها إليها ..
- انظري ماذا وجدنا!!
- ياااا… إنها دميتي، كنت ألعب بها وأنا صغيرة، جلبتها لي أمي من سوق ( رأس الحواش) في الأعظمية، هدية عيد ميلادي، كان حبي لها لا يوصف.
- كنت شابة بعمر الورود .. مازحها أبي مع قبلة على جبينها.
-ما زلت شابة بعمر الخامسة عشر، ها.ها.ها.
تعالت أصوات الضحكات البريئة، وشعرنا بالمحبة والحنان الذي غمر المكان بالدفء والأمان.
واصلنا التجول والبحث في باقي الغرف، دخلنا غرفة جدتي القديمة، رأينا في الزاوية صندوقًا خشبيًا له باب يفتح للأعلى مطرز بأحجار فيروزية مع نقوش و مسامير ذهبية غاية في الروعة.
حاولنا فتحه، لكنه مقفل بقفل كبير لا يشبه ما نراه اليوم.
جاءت الجدة مسرعة :
- يا إلهي .. لا.لا.لا تقتربوا من (الصندقچة ) .. هل فتحتموها؟!
- لقد أفزعتنا يا (بيبي) وما هذا الاسم الغريب؟!
- ماذا ؟! إنها خصوصياتي، لا أسمح لأحد بالعبث بها، هذا الصندوق هو هدية عرسي وكنا نسميه أيام زمان ( الصندقچة )، رجاءً لا تخالفوا هذا، ولا تقتربوا منه.
- ماذا يوجد بداخله يا ( جدتنا الحبيبة )؟
- أشياء تخص المرأة، ملابسها، أحمر الشفاه، المشط، الأكسسوارات وغيرها.
- أنا أريد واحدة إذًا.
ضحكت أمي وقالت :
- ها.ها.ها . عندما تكبرين قليلًا.
وضعت يداي على خصري …
-أنا أيضًا لدي خصوصيات، مثل حلوياتي التي أراها ناقصة باستمرار، فستاني الأحمر، حذائي المدرسي، ألعابي التي تضيع دائمًا، ألم تقولي إني أشبه جدتي …
سمعت أصوات ضحك عائلتي… فضحكت معهم.
مها حيدر
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية