قصة قصيرة ( وفاء ) للأديب يحيي بن حسين سعدالله
قصة قصيرة
" وفاء "
كانت وفاء تسكن منزلا متواضعا يقبع بسفح جبل وكانت في الصباح تذهب إلى المدرسة وبعد الانصراف تعود إلى المنزل وبعد تناولها وجبة الغداء تقوم بفتح بوابة زريبة الغنم وتسرح بها إلى الشعيب القريب من المنزل وتتركه يرعى على جنبات الشعيب، وهي تذهب تبحث عن مكان مناسب يشرف على جنبات الشعيب وتبقى جالسة تراجع دروسها والغنم ترعى أمامها
وذات يوم كانت كعادتها تقوم بحل الواجبات المطلوبة منها، وكانت منهمكة بحل الواجب كان السؤوال صعبا عليها ظلت تفكر وتحاول في طريقة تساعدها على حل الواجب، ولكن ذاكرتها خانتها، ورفضت عرض صورا واضحة امام عينيها تساعدها على الحل .. نظرت إلى الشعيب للتأكد ان الغنم ما زال ترعى في المكان المخصص لها، نظرت ولكن لم تر الغنم في الشعيب فنهضت من مجلسها فزعة متسائلة: أين ذهبت الغنم؟ أنها كانت ترعى امامي هناك على جنبات الشعيب .. أين ذهبت يا ترى؟ نزلت وسط الشعيب وظلت تركض يمينا وشمالا تبحث عن الغنم لا أثر لها .. خرجت من الشعيب ووقفت على شفته، نظرت إلى الشفة المقابلة رأت شخصا قادما من بعيد
قالت: أنه صادق يا ترى ما به، عسى أن يكون خيرا؟ الهي كيف اعود إلى المنزل والغنم ليست معي؟ إنها مصيبة كبيرة ما هو ردي إن سألوني أين كنت عندما أختفت الغنم؟ طفرت عيناها بالدموع وبقيت قابعة في مكانها خائفة من العقاب الصارم من قبل الاسرة.
ظلت منتظرة إلى أن وصل صادق وألقى عليها التحية فردت بأحسن منها .. قال: ما خطبك هنا أني أرى عينين تدمعان والرموش فوق الوجنتين سابلة والشفاه شاحبة .. قالت: أن غنمي كانت امامي ترعى على جنبات الشعيب وفجأة أختفت .. حين تحرر عقلي من قاعدته وحلق في الافق يبحث عن خيالك، وعندما عاد إلى القاعدة فتحت عيناي فلم اجد الغنم ..داخل الشعيب، قال . لها هل أنت خائفة؟ قالت: نعم إني خائفة .. قال ..أنظري إلى مقعدك.نظرت فاذا الغنم رابض بجانب الشعيب. قالت: كان مجرد خيال.
شكرته ثم سألته قائلة: سمعت خبرا أقلقني .. سمعت إنك ترغب في الرحيل عنا .. هل ما سمعت حقيقة؟ قال لها: نعم أن القائل أصدقك القول.
قالت: كيف ترحل .. وأنا؟ قال: سأرحل من أجلك أنتي قالت: كيف؟ قال حصلت على عمل في أحدى الدول الشقيقة وسوف أغيب عنك خمس سنوات هل تصبرين؟ قالت: ان كان الرأي يرجع لي فلا أستطيع الفراق ساعة.
قال: لقد قررت الرحيل من أجل مستقبلنا معا. رحل صادق عن الديار وعن الاحباب ومرت على وفاء الليالي
والايام بل مرت الشهور والسنون وهي تنتظر عودته حتى نحل جسمها وشحب الغصن وذبلت الزهرة وتبخر الماء من الاوراق وغارت حدقات العيون وتساقط الثلج على رأسها في فصل الصيف والدموع جرحت الوجنتين .. وذات يوم سمعت أن صادقا قد عاد من الغربة والآن قد وصل إلى المدينة وهو في طريقه إلى القرية .. ولكن الفرحة وجذوة الا شتياق حملتها إلى محطة القطار القريبة من القرية ركبت القطار وسافرت إلى المدينة لاستقباله هناك قبل وصوله إلى القرية.
اما صادق فقد غادر المدينة متوجها إلى قرية وفاء كله مشاعر وفرح وشوق وأمل في اللقاء .. وعندما وصل القطار المحطة نزل صادق من القطار فرأى صديقا له واقفاً في ساحة استقبال القادمين فذهب نحوه تعانقا طويلا وسأله عن الأهل والأصدقاء وكذلك سأله عن وفاء .. فقال له صديقه مازحا أن وفاء قد رحلت إلى بيت الحق .. فصرخ صادق صرخة حركت شجون من كان واقفا وأخذ حقيبته وخرج من الساحة مهرولا إلى الجبل وهو يصرخ مكررا .. وفاء .. وفاء .. أنا السبب ، أنطلق صديقه وراه ينادي .. صادق .. صادق .. ولا
مجيب.
الشاعر : يحيى بن حسين سعدالله
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية