شهادة الحمورية..... للأديب علوي القاضي
«(10)» شهادة الحمورية «(10)»
بقلمي : د/علوي القاضي.
... (الحمار العربي) دخل الأمم المتحدة من أوسع أبوابها وسجل إسمه في سجلاتها
... لا أتعجب ! ، وأصدق من يقول أن (الحصان العربي) نال شهرة عالمية لشكله وأناقته وجمال جسمة ورشاقته وقوته ولذلك كان الأغلى سعرا والأكثر طلبا وهذا ليس بغريب عليه
... ولكنى أزداد تعجبا وحيرة عندما أسمع أن (الحمار العربي) كان أكثر شهرة عالمية من (الحصان العربي) بل وبإعتراف هيئة الأمم المتحدة نفسها ، وبشهادة أمينها العام ، فقد ذكر إسمه في أوراقها وسجلاتها بالخط العريض ، كيف ومتى ؟!!
... (قصة حمارة خالتي) ، وهي قصة حقيقية ومسجلة رسميا في الأمم المتحدة
... (حمارة خالتي) ، من كفر كلا ، لبنان
... في أحد الأيام من شهر تموز سنة 1962 وقبل أن يوضع السياج الفاصل بين كفركلا /لبنان ، وفلسطين المحتلة ، دخلت (حمارة خالتي) ، واختفت وغابت عند (الإسرائليين) لمدة سنة تقريبا ، ثم عادت بعد فترة لوحدها ، تجر وراءها عربة محملة بالدراق والأجاص ، وبقيت متجهة إلى منزل خالتي ، تبعها الأولاد وأخذتها خالتي وزوجها وهللوا (بضاعتنا ردت إلينا)
... لكن سرعان ماجاء الدرك ، مع المختار ، ورئيس البلدية وقوات الطوارىء التابعة للأمم المتحدة ، وداهموا المنزل مطالبين خالتي بتسليم (الحمارة) لأنها كانت تحمل في رحمها (جحشا) من أب حمار (إسرائيلي)
... رفضت خالتي تسليم حمارتها ، وعلا الصراخ في البلدة ، (لحمارة حمارتنا ورجعت إلنا) ، وصارت مظاهرة في كفر كلا
... وبعد أخذ ورد مع جيش الإحتلال من خلال مندوبي الـ (UN) الأمم المتحدة ، إتفق الجميع على أن تعود الحمارة إلى (الإسرائيليين) لتلد هناك (الجحش الإسرائيلي المنتظر) بناء على طلب حكومة الإحتلال ، وبعد ذلك ترجع بمفردها لأصحابها في (كفر كلا)
... تم توقيع إتفاقية بذلك ، واتفق الجميع على عودة الحمارة إلى خالتي ، ويبقى مولودها الجحش الإسرائيلي في دولة الكيان الصهيوني المحتل
... بعدثلاثة أشهر ، هربت الحمارة من فلسطين المحتلة (إسرائيل) مرة ثانية (بدون تنسيق) أو إذن من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، وعادت إلى (كفر كلا) ، وهي تجر خلفها العربة ، ويركض بجوارها هذه المرة إبنها الجحش الصغير (الكُر)
... وبعد ساعات ، إذ بقوات الدرك ، والبلدية ، والمختار ، والأمم المتحدة ، تحضر إلى المنزل ، وتطالب خالتي بتسليم الكُر الصغير ، الذي بدوره رفض ترك أمه ، وتشبث بالبقاء معها في لبنان ، إلا أن القوة والضغوط والمحاولات المكوكية ، إنتهت بقيام قوات الإرتباط بربط (الكر) ، وتحميله في شاحنة عسكرية إسرائيلية إلى مركز المراقبة في (الناقورة) ، ومن هناك عاد مأسوراً مكسور القلب باكي العين مُشتت الشمل والفكر إلى الكيان الصهيوني المحتل
... وكانت هذه أولى محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني والتي بدأت بـ (الحمير)
... الخلاصة ، أن دولة الإحتلال التي لم تفرط حتى في (كُر) ، هل ستعطي أحدا من المطبعين والمهرولين شبراً من الأرض ، أو حتى شربة ماء ، أو مترا من الغاز إلا بأضعاف القيمة من الدم والكرامة و المال؟!
... في إعتقادي أن هذه القصة الحقيقية والمسجلة رسميا ، تخدم الكيان الغاصب بالدرجة الأولى ، وإذا كان الكيان ساعد في إخراجها ونشرها وترويجها ، فإنه يهدف بذلك نشر روح الهزيمة عند الفلسطينيين والعرب ، والتسليم بالأمر الواقع المرير والتأقلم مع الإحباط ، والبحث عن بديل ، عن بلده وحقه وأرضه ، فالإحتلال أراد أن يظهر بأنه صعب المراس ، ولن يقبل التنازل ، وأنه يستشرس على مايملك ، ويُدير المؤسسات الدولية لصالحة ، ويغير الحقائق ويثبت الواقع ، ويقلب الباطل حق والعكس ، فلا فائدة من محاربته ومنازعته ، فالمعركة معه خاسرة ، وفوزه بها حتمي ، وهذا مايريده منا
... لذلك يجب علينا إدراك أن هناك معركة وعي بيننا وبين العدو الصهيوني ، يجب أن نديرها جيداً ، وأن نزرع في أبنائنا ، أنه لن يضيع حق ورائه مطالب ، ولن تضيع قضية آمن بها أصاحبها ، وأورثها لأبنائه ، فما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة ، والوعي والإيمان بنصر الله ، ألا إن نصر الله قريب ، إنما النصر صبر ساعة ، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم
... وإلى لقاء في الجزء الحادي عشر إن شاء ال
له
... تحياتي ...
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية