السبت، 5 يوليو 2025

عرباية خضار .... الأديب محمود سينو زازا

 في زقاقٍ قديمٍ من أزقّة المدينة،


كان بائعُ الخضار يجوبُ الحاراتِ كل صباح.


صوته يسبقُه:


“فاكهة وخضار… بندورة وخيار!”


عربةٌ خشبية،


بلا جوادٍ ولا حمار،


يدفعها رجلٌ نحيلُ الجسد،


بسيطُ الثياب،


طيبُ الملامح.


اعتادَ عليه أهلُ الحي،


أحبهُ الصغارُ قبل الكبار،


فهو الذي يُزيّنُ صباحاتهم


بنداءِ الحياة،


وسط فوضى الأخبار وأصوات السيارات.


لم يكن عملُهُ عيبًا،


بل كان فخرًا له ولسُكّان الحي.


ثم في يومٍ عجيب،


غاب صوتُه…


واختفت عربتُه من الزقاق.


بحثنا عنه.


سألنا الجيران.


لم يجِب أحد.


حتى العصافيرُ بدت حائرة.


وبعد غيابٍ طويل…


عاد.


لكن،


لم يعُد بائعَ الخضار.


عادَ جنرالًا.


يرتدي بزّةً فخمةً لامعة،


يُرافقهُ عسكرٌ،


ويصيحُ في الجميع.


الناس وقفت مذهولة:


“هذا… بائعُ الخضار؟!”


قالوا:


رُشِّحَ للوزارة.


ونالَ أعلى الأصوات.


حارتنا…


التي اعتادت فاكهتَه وخضاره،


لم تعد تجد سوى الوعود.


لم نرَ عربتَه مجددًا.


ولا سمعنا صوته.


ثم…


تضاربت الروايات:


قيل مات.


قيل هرب.


قيل سُجن.


وقيل… سرق المال.


أما الحارة،


فما تزالُ تنتظرُ


عربايةً صغيرة،


يدفعها رجلٌ بسيط،


وينادي:


“فاكهة وخضار”.


نهاية:


في زمنٍ يصعد فيه الجنرالات


من عرباتِ الخضار،


تبق


ى الحكايةُ


أكبر من أن تُروى.


محمود سينو زازا


كوج بر 


كتبتها وانا بين أحفادي واولادي 


في مدينة كيل المانيا

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية