النهر والمحيط والحق .. للأديب عبدالسلام اضريف
النهر والمحيط والحق
علينا ان نقف قليلا قصد التاَمل في مفاجآت الزمن ، وغرايب الاقدار التي تفوق التصور واحيانا الخيال ، مشهد ثاير على مكونات واقع قد غاب عن التنبؤات ، ولم يستشعره قاموس ولا جان ، لكن السماء والاقدار اخضعته للملموس ، فتحول بذلك المستحيل من ردهات فصول مسرحية واقعية تثير الشفقة والاستغراب عند المتتبع لها الى واقع عيان ، جعلت من الراي العام الدولي يقف مشدوها امام افعال لربما خرجت عن سياق النص المسرحي المكتوب ، اِذ يمكن اعتباره كسابقة لم تشهد صفحات التاريخ شبيها بها ، ولاول مرة ( الحوت الازرق ) الذي يبلغ طوله حوالي ثلاثون مترا ، ووزنه قد يفوق مِية وسبعون طنا، فهو يُصنف ضمن اكبر المخلوقات على وجه البسيطة ، والذي يعيش في بحر الظلمات ، ومحيطات اخرى ، وعلى الرغم من ضخامة حجمه وجبروت قوته ، دخل بحر هذا الاسبوع صاغرا في مفاوضات مع سلمون مرقط( قوس قزح ) صغير الحجم ، الشرس المواجهة ، والذي يعيش هناك في جدول صغير جدا من جغرافية الشرق العربي ، حيت جلس ( الحوت الازرق ) مع ( قوس قزح ) على طاولة واحدة ، وجها لوجه ، وتناولا قهوة معا ، وكل منهما استعرض رايه في اِطار مفاوضات جادة
و بناءة ، بعيدا كل البعد عن العجرفة، وعن التطاول ،او سلاطة اللسان ، فاستمع ( الحوت الازرق ) لمداخلات (قوس قزح ) باهتمام كبير ، واستطاع ( قوس قزح) من خلال مرافعاته الرٌَصينة الى اِثارة انتباه ( الحوت الازرق) بان قضيته عادلة ، وهو في خدمة كل اصناف الاسماك التي تعيش في النهر المذكور .
الدرس الاول :
هذه المفاوضات العلنية تعتبر بمتابة اعتراف ضمني من طرف ( الحوت الازرق ) بسمكة ( قوس قزح) .
الدرس الثاني :
هذه المفاوضات تعتبر بمتابة انتصار اخر حققه ( قوس قزح ) يضاف الى سلسلة من الانتصارات السابقة التي سجلتها مَرافىء الزمن.
الدرس الثالث:
ابانت هذه المفاوضات المباشرة بين (الحوت الازرق) وسمكة( قوس قزح ) بمدى صلابة عود هذا الاخير ، وان قضيته بها من الصٌِدقِية التاريخية والواقعية ما يجب الوقوف عندها .
الدرس الرابع:
سمك النهر لا يجثوا ابدا لتيار ،او اسطول ،او نجم سداسي ، ولا يركع لاحد سوى للذي لم يلٍد ،ولم ُيولد ما دام على حق.
الدرس الخامس :
وهو موجه للامة العربية بان الصقور لا تخشى الموت ، ولا يهمها اين تموت ، و لا كيف تموت ، كما انها لا تهتم بحجم خصمها ، ما دامت قضيتها عادلة .
فتحية تقدير واِجلال لنهر يضم في احشايه سمكا من نوع ( قوس قزح ) ، ومن انتصار الى انتصار ، ومن عِزة الى عِزة ، وصولا الى غزة .
الله غالب
عبدالسلام اضريف
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية