إمراة ترفض العهر المقدس... للشاعرة د. سامية كيحل
🔱 مانيفستو امرأةٍ ترفض العهر المقدّس 🔱
ليست كلماتي ثورةً على الشهوة بحدّ ذاتها، ولا استعلاءً أجوف على حرية التعبير…
إنها يقظةُ روحٍ تؤمن أن الحرف خَلقٌ مقدّس، لا يُمسّ إلا بطهر القلب.
إنني لا أرفض التحرر… بل أرفض أن يكون التحرر قناعًا لابتذالٍ يُستنسخ من شهوةٍ عمياء.
أنا متحررةٌ بحياءٍ لا يتحرر مستعار، حرةٌ في فِكري لا في بيع جسد القصيدة، مؤمنةٌ أن العمق لا يحتاج إلى تعريةٍ ليُثبت وجوده، وأن الكلمة إذا خرجت من جوف روحٍ نقيّة، تخلّد… أما إذا خرجت من تحت حزام الرغبة، تموت قبل أن تولد.
أنا لستُ قديسةً في معابد العفة المطلقة، ولستُ شيطانةً في سراديب الشهوة المعلنة.
لكنني امرأةٌ تعبت من مسرحيات الكلمات الرخيصة… من قصائد تُباع فيها أرواح النساء أرخص من قارورة عطرٍ مقلّد.
كنتُ أظن أن المعركة ضد الرجال وحدهم؛ ضد نزقهم وشهوتهم التي تلهث وراء الجسد العاري في القصيدة…
لكنني صُدمتُ أن في زمن النزراويّين والنزراويّات… بعض النساء أصبحن أجرأ من الرجال في تعرية الكلمة، في بيع القصيدة كسلعةٍ مثيرة.
وهنا الكارثة: لم يعد العهر مذهبًا ذكوريًا فقط، بل صار طائفةً فكرية يجتمع حولها رجال ونساء باعوا روح المعنى ليشتروا تصفيقًا رخيصًا.
أحاكم نزار قباني… نعم، أحاكمه لأنه رمى بذرةً مسمومةً في تربة الشعر؛ حرّر الكلمة من حيائها فلم تنبت إلا غابةً من الشهوة تستر عورتها بورقة بلاغةٍ ذابلة.
ولم يقف الزحف هنا: جاء عصر التحرر المستعار، عصر التلوث الفكري والتقليد الأعمى للغرب، فكبرت تلك البذرة حتى صارت شجرةً تخنق شمس المعنى.
صرنا نقلّد الغرب؟ نعم… لكن نقلّد القشور النتنة لا الجواهر، نقلّد الإباحية لا الفلسفة، ننسخ العُري الرخيص وننسى الفكر الحر.
صرنا نخلع ثياب الحياء باسم الفن، ونغسل ألسنتنا بوحل الكلمات المثيرة لنبدو «متحرّرات».
يا ويح أنوثةٍ لم تعد تُحسن أن تستحي… ويا ويح قصيدةٍ صارت سريرًا تُشعل شموع الشهوة في ظلال استعاراتٍ فاسدة.
أما أنا… فلا أؤمن بشِعرٍ يدفن العفاف حيًّا تحت أصابع الكيبورد، ولا بأنثى تُعرّي جسد القصيدة لتبيعها في سوق التصفيق.
أؤمن بأن الأنوثة شمسٌ لا تحتاج أن تتعرّى لتضيء، وبأن الكبرياء أن تكتبي امرأةً يشتهي فكرها العقول قبل أجساد القرّاء، وبأن الشعر مائدةٌ مقدّسة لا يجوز أن يُلقى فوقها لحم الرغبات الفاسد.
أنا أرفض أن أرتدي ثوب العهر لأبدو عصرية، أرفض أن ألوّث حبر القصيدة برغباتٍ رخيصة حتى تنحني لي الصفحات.
أنا امرأةٌ حياؤها أقوى من ألف قصيدة، وصمتها أخطر من ألف صرخة، ووقارها سيفٌ يقطع الهواء فلا يجرؤ على التلويح به إلا من عرف شرف المعنى.
هذه حربٌ لا ترحم: ضد جهلٍ في صدور الرجال، وضد وقاحةٍ في أقلام النساء، وضد النزراويّين والنزراويّات معًا… أولئك الذين ظنّوا أن القصيدة جسدٌ يُعرّى ليُباع في سوق التصفيق.
ولستُ أخشى أن أكون وحيدةً… فأنا خُلقتُ لأكون نيزكًا لا نجمةً تلمع في قطيع المجرة.
أما نزار… ومن بعده… فلهم صليلُ التاريخ، ولي صهيلُ امرأةٍ كتبت شعرها بدم الكبرياء.
-- د. سامية كيحل | حفيدة الشهداء… أنثىٌ تنحت الشعر بحجر الكبرياء، وتكتبه بندى الحياء، وتوقّعه بروحٍ لا تُشبه إلا نفسها.
01/07/
2025
10:56 H 🇩🇿
@à la une 🇩🇿
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية