الشاعر أحمد لخليفي الوزاني ونص بعنوان وصية لا تنحن
وصيّة... لا تنحنِ
قال أبي في ليلةٍ
بردُها يمشي على الجدران،
والقنديلُ يرجفُ من وجعٍ:
يا ولدي...
يومًا ما
ستسيرُ وحدك في الزحام،
ويقولُ لكَ الطريقُ:
اخترْ،
إمّا تميلُ كما الغصونِ،
أو تظلُّ كما الجبالْ.
قُلْ "لا"...
وارفعْ صوتَك بها
بإجلال،
واصمدْ،
ولا تَبِعْ الرأسَ بثمنِ الاحتمالْ!
ولا تمِلْ،
ولا تُستمالْ...
كن طيّبًا
عند كلّ مقام،
واجتنب الطيبةَ فوق اللزومْ؛
في هذا الزمانْ،
إمّا تُداس، أو تُخان،
وتُرمى على الهامشِ،
وتُلام...
كنْ نهرًا،
واسقِ العطشى،
وكن شجرًا مثمرًا،
واعطفْ على الجوعى،
لكنْ إذا سرقوا مجراكْ،
انتفضْ من تحتهم كالبركانْ!
لا تكُنْ حمّالًا لصبرٍ
يَقصمُ الظهرَ،
ويجعلُ منكَ سلّمًا
لصعودِ القساة إلى القمر!
كنْ مثلَ الأسدْ،
هادئًا تارةً...
وتارةً هدّارًا،
لكنْ لا تجعلْ لهيبتِكَ ثمنًا
يُباعُ على أعتابِ ذلٍّ مستطيلْ،
تُوزَّعُ فيه شهاداتُ الذليل
على من يُتقنُ فنَّ التقبيلْ!
ارحمْ،
لكنْ لا تكُنْ سكينَ الرحمةِ في يدِ الظالمْ.
ليكنْ لطفُك حادًّا،
يمنعُ الغدر،
ولا يذبحُ الصدرَ البريءَ
الحالمْ.
كرامتك؟
لا تُشترى، ولا تُستعارْ،
وإذا سقطتْ،
فلن يُرجعَها ندمٌ أو اعتذارْ.
في هذا العالمْ،
إن لم تكُنْ حارسًا
فارسًا،
منحوك رتبةَ بوّابِ الترفْ!
راقبْ لسانَك،
ولا تُخرجْه من فمك.
اجعلْه مثلَ السيفِ في غمدِه،
جاهزًا للقطعِ
حين يُرادُ لكَ الانحناءْ.
واحذرْ:
أن تطلبَ الاحترامَ من أحدْ،
فهو لا يُمنحُ بالتوسّل،
ولا بالتسوّل،
ولا بفعلِ الشرور،
بل يُهدى
لمن وقفَ شامخًا... سالمًا
بلا غرورْ.
سِرْ،
كما يتفتّقُ النورُ من العت
،
ولا تنحنِ... إلّا لله.
بقلم :
أحمد لخليفي الوزاني
شاعر وزانسيان
حقوق النشر محفوظة
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية