الجمعة، 12 سبتمبر 2025

الكاتب سالم حسن غنيم و . .. جلس سالم في مكتبه الكبير .

حكواتي الوجدان الشعبي


جلس سالم في مكتبه الكبير، 

وخلفه آلاف الكتب التي جمّعها على مدار أكثر من أربعين عامًا.

خلع نظارته الطبية، 

وأرجع كرسيه إلى الخلف ببطء، 

ثم حدّق طويلًا في جدران مكتبته المليئة بالكتب.

همس لنفسه بابتسامة خفيفة:

 هذه مملكتي…

 هنا عمري كله…

 هنا حروفي… 

هنا أنفاسي.


أغمض عينيه قليلًا، فتدفقت الصور في ذاكرته؛ أيام الجامعة، وعمله في العطلة الصيفية ليشتري كتابًا أو كتابين من بائع الكتب المستعملة.

 كنت لا أملك النقود، 

لكن كنت أملك حلمًا… 

الحلم أن أبني عالمًا من الحروف.


وفجأة، سمع صوتًا يخرج من أعماقه… صوته الآخر، ذلك الذي يشبه الحكيم القديم، قال له:

 أتعرف من أنت يا سالم؟

 أنا؟

 كاتب… 

عاشق للكلمة… 

حارس للذاكرة.

 أنت أكثر من ذلك…

 أنت حكواتي الوجدان الشعبي.


فتح سالم عينيه بسرعة، وقال بدهشة:

 حكواتي الوجدان الشعبي؟

 ما هذا اللقب الغريب؟

ضحك الصوت وقال:

 ألم تفهم بعد؟ 

أنت لا تكتب مجرد حكايات…

 أنت تحفظ نبض الناس، 

تكتب دموعهم وأفراحهم، 

ترسم ملامحهم على الورق… 

أنت تجلس بين دفاتر التاريخ وتزرع فيها روحك.


ظل سالم صامتًا للحظات، ثم ابتسم:

 إذن أنا الحكواتي الذي لا يجلس في مقهى قديم ليحكي الحكايات… 

بل يجلس في مكتبه بين الكتب، ويروي للناس حكايا الوجدان… 

لأنه حين يكتب،

 يسمع أصوات الأمهات في البيوت، ضحكات الأطفال في الأزقة، ودموع المهاجرين على أرصفة الغربة.


اقترب الصوت أكثر، حتى شعر به ينبض في قلبه:

 نعم، لأنك يا سالم كتبت عن الفقراء بلا تكلف، 

وعن الأحبة بلا زيف،

 وعن الوطن بلا شعارات… 

كتبت لتبقى الذاكرة حيّة، 

لتبقى القلوب معلّقة بحلم بسيط…

 لتقول للعالم: نحن هنا… 

وهذا وجداننا.


أعاد سالم نظارته إلى عينيه، مدّ يده ولمس كتابًا قديمًا على الرف وقال بصوت مسموع:

 منذ اليوم، سأكتب تحت اسمي: سالم غنيم… 

حكواتي الوجدان الشعبي.


ثم ابتسم، وأدرك أن هذا اللقب لم يمنحه أحد…

 بل منحه قلبه، 

وكتبته سنين طويلة من الحب للحرف والناس والوطن.

سالم حسن غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي




0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية