الكاتب هشام الشريفي .. والرحمه والتعاطف
*الرحمه والتعاطف*
الرحمة والتعاطف هما أغلى الجواهر التي يهبها الله للبشر، وهما أسمى وسائل التواصل بين القلوب التي تبني جسور المحبة والأخوة. الرحمة ليست مجرد شعور عابر أو تعبير سطحي عن الرفق، بل هي جوهر الإنسانية وروحها التي تُحيي القلوب وتُطفئ نيران الكراهية والغل. عندما نتحلى بالرحمة، نصبح قدوة في التسامح والعطاء وإزالة الظلم، فنحن بذلك نصل إلى عظمة النفس وسمو الروح، فننير دروبنا بدفء الحنان ومحبة الخير لكل مَن حولنا، دون تمييز أو شروط.
أما التعاطف فهو لغة القلب التي لا تحتاج إلى كلمات، إنه قدرة فريدة تمكننا من أن نشعر بمعاناة الآخرين بواقعية وكأننا نعيشها بأنفسنا، لنشاركهم ألمهم وأحزانهم، بل ونفرح معهم بنجاحاتهم وأفراحهم. هو ذلك السلوك النبيل الذي يدفع الإنسان لأن يكون سندًا للضعيف ومعينًا للمحتاج، فلا يقف عند حدود الشعور فقط، بل يتحول إلى أفعال تعكس أسمى معاني الإنسانية.
في عالمنا المعاصر، حيث يشتد الصراع، وتتزايد المِحن، وتتصاعد أصوات الأنانية والانفصال، تصبح الرحمة والتعاطف ضرورة وواجبًا إنسانيًا يحتم علينا أن نمد أيدينا لبعضنا البعض، نخفف عن بعضنا الآلام ونواسي الجراح. الرحمة تحول القلوب الجافة إلى بساتين من الحنان والمحبة، تنمو فيها بذور السلام والتفاهم. وهي ليست ضعفًا كما يظن البعض، بل قوة جبارة تقهر الظلم والتعصب، وتفتح أبواب الأمل أمام كل يائس.
والتعاطف بدوره يُعدّ نبراسًا يهتدي به الإنسان في علاقاته مع أهله وأصدقائه وجيرانه، فهو يمنحه القدرة على قراءة ما وراء الكلمات، وفهم مشاعر الآخرين بعمق حتى قبل أن يُبديها. التعاطف يعزز التواصل الإنساني بطريقة تجمع الناس على اختلاف ثقافاتهم وأديانهم وأعراقهم، في تجربة مشتركة من الشعور بالوحدة والتكامل. ومن خلاله، تتحقق العدالة الحقيقية التي لا تقتصر على الحقوق فقط، بل تشمل الرحمة في التعامل، والتفهم في الحكم، والعطف في اتخاذ القرارات.
لا يمكن أن نغفل أن الرحمة والتعاطف هما الشرطان الأساسيان لتحقيق السلام الداخلي والتوازن النفسي، فالشخص الرحيم والمتعاطف يعيش في انسجام مع نفسه والآخرين، يشعر بالقرب الإنساني الحقيقي والتقدير، ويكافح من أجل أن يجعل الحياة أجمل لكل من حوله. لذا، فهما ركيزتان أساسيتان لبناء مجتمعات نابضة بالحياة مليئة بالتعاون والسعادة.
في كل لحظة من يومنا، نجد فرصًا كثيرة لنجسد قيم الرحمة والتعاطف؛ في كلمة طيبة، في ابتسامة صادقة، في مساعدة عاجلة، في الاستماع لمن يحتاج لأن يُسمع، وفي العطاء دون انتظار مقابل. فلنجعل الرحمة والتعاطف من أهم قواعد حياتنا، لأنهما بستان الخير الذي لا يجف، ونبع الحب الذي لا ينضب، ومصدر القوة الذي يصنع الفرق الحقيقي في حياة الإنسان.
بقلم الكاتب/هشام الشريفي.
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية