الأربعاء، 24 سبتمبر 2025

الشاعرةرضا محمد احمد عطوة و .. عندما تنطفىء الشموع

 عندما تنطفئ الشموع ملحمة سامية وسعيد


طفولتها كانت أوسع من السماءِ

تركت على الأعتاب كل عزاءِ

ضحكاتها كانت كقطر الندى

تلهو وتلعب في زمان الصفاءِ

لكنها كبرت، وكبر الأسى

وظلت تلهث خلف ذاك الهناءِ.


كانت تدور بين الأرجوحات

تغني وترقص وسط الباحات

وصوتها مثل العصافير يغني

يطير نحو السحب في الفلوات

أمها تنظرها من الشرفة

وبيدها وردة من الذكريات.


كانت هناك طفلة ناعمة

تشبه قطرات المطر النديةِ

قلبها ارتبط بقلب جارها 

وهو طفل ذو ملامح ورديةِ

كان اسمه سعيدًا وديعًا

وهي ساميةُ الحب في الألفيةِ.


كانت تراه كل صباحٍ من بعيد

يمر أمام بيتها كالوريد

يعطيها ابتسامة مشرقة

فتعود لغرفتها كالعيد

تكتب اسمه فوق الدفاتر

وتحلم به كأجمل عيد.


كانت تنتظره كل مساء

في بلكونةٍ تطل على الفضاءِ

تفتح الأبواب وتلقي السلام

والقلوب تجمعها المحبةُ والصفاءِ

في ذلك الزمان الجميل الودود

كانت القلوب واحدةً بالولاءِ.


تسهر حتى ترى طيفه يمر

ويخطف قلبها بنظرةٍ وسر

وكانت الورود تحكي قصتها

والنسمات تروي عشقها كالعطر

وكل ليلة كانت تحمل نجمة

وتكتب له أشواقها بالقمر.


لكن في يومٍ تغير القدر

تعب سعيد فاشتد الكدر

أخذوه للطبيب وهو يئن

قالوا له: لابد من جراحٍ أمر

لكن ما أدركوا أن العملية

ستبدل الفرح بالهم والسهر.


جلسوا حوله في حزنٍ شديد

والأم تبكي والدمع كالحديد

والأب ينظر للطبيب في وجلٍ

يرجوه أن يبقي قلبه الوليد

وسامية ترقب المشهد في ألمٍ

وتدعو الله أن يشفيه من جديد.


لم يفق سعيد من ألم الجراح

صار جسده يذبل كالأشباح

والأطباء قالوا: لم يعد هناك

أملٌ في الحياة، بل موت مباح

ومرت ليالٍ قاسية سوداء

حتى مات سعيد، وعم النواح.


في جنازته كانت سامية كالجبل

تصرخ: يا سعيد، لا تتركني في الملل

لكن لا صوت له، لا نبض، لا حياة

وسقطت دموعها على الكفن الأمل

وسقطت معها كل الذكريات

وتحولت الأحلام إلى رماد وطلل.


مرت الأيام ثقيلة الخطى

وصارت سامية تعيش الشقاء

تجلس وحدها في ذات البلكونة

تبحث في الذكرى عن الأصدقاء

تفتح الصندوق وتضم الرسالة

وتبكي سعيدًا بكل العناء.


في الليل تصحو وتحادث ظله

وتقول: يا سعيد، هل تسمعني الآن؟

هل ترى قلبي الذي مات معك؟

أم أن الموت فصل بيننا المكان؟

وتنام على أمل اللقاء به

في حلمٍ يملأه الحب والأحزان.


وفي البلكونة، تجلس سامية وحدها

تراقب الشارع والناس كأنها عابرة

تغني لأيامها التي مضت سريعًا

وتعيد ذكرى سعيد كأنها أسيرة

تبكي وتضحك على أطلال حبٍ

بين طفلة وعاشق، بين قلبٍ وأميرة.


وفي قلبها، رغم الألم والجراح

يبقى سعيد كنجمٍ في السماء وضاح

تحمله الرياح في ليالي الشتاء

وتحكي قصته للنجوم والأقمار

وكأنما الدنيا تردد في صوتٍ شجي

سامية وسعيد... قصة حبٍ لا تُنسى. 

بقلم/رضا محمد احمد عطوة






0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية