السورة الجامعة ونصف القرآن .... بقلم عزام عبدالحميد أبوزيد
السورة الجامعة ونصف القرآن ، ما هي ؟.
قال الله تعالى في سورة الزلزلة : {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُم (6) فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه (8)} .
ثمان آيات قِصار لخصت الدنيا والآخرة ، فالإنسان في الدنيا مُدون في سجل أعماله ما كَبر وما صَغر كالذرة وهي النملة البيضاء الصغيرة ، ويوم القيامة يُحاسب عن الخير الدنيوي بخير في الآخرة ويُحاسب عن السوء الدنيوي بعذاب في الآخرة.
يوم القيامة تتحدث الأرض بلسان عربي فصيح وتشهد على كل إنسان بما عمل في دنياه حيث كان يعيش على ظهرها ، تتحدث الأرض بوحي من الله أي بأمره ، وهنا يتعجب الإنسان ما لها! . ثم يعلم بأن الله عز وجل أمر الأرض بأن تتكلم بلسان فصيح وتقول: فلان بن فلان عَمِل كذا وكذا في يوم كذا وتُعدد كل أعماله وأقواله، روي الإمام الترمذي وصححه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) قَالَ:( أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟.). قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
قَالَ:( فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا ؛ تَقُولُ عَمِلَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا ).
وروى الإمام الطبراني في المعجم الكبير من حديث رَبِيعَةَ الْجُرَشِيِّ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ( تحَفَّظُوا مِنَ الْأَرْضِ؛ فَإِنَّهَا أُمُّكُمْ؛ وَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ عَامِلٍ عَلَيْهَا خَيْرًا؛ أَوْ شَرًّا؛ إِلَّا وَهِيَ مُخْبِرَةٌ بِهِ ) .
الأرض يوم القيامة تُخرج ما في باطنها من الأموات والكنوز كالذهب والفضة والأموال ويراها الناس بأم أعينهم كالأُسطوان والأسطوانة هي عمود المسجد الذي يحمل السقف أي قطع كبيرة كأعمدة المسجد، ويقول قاطع الرحم: قطعت رحمي من أجل هذه الأموال والذهب والفضة ولكن ذهبت الدنيا فلا فائدة منها وينظر لها بحسرة وندم ولكن هل يُفيد الندم ؟. لا.
وكذا الحال مع كل ظالم ، روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ( تَقِيءُ الأَرضُ أَفلَاذَ كَبِدِهَا، أَمثَالَ الأُسطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، فَيَجِيءُ القَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلتُ، وَيَجِيءُ القَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَت يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأخُذُونَ مِنهُ شَيئاً ) .
جاء رجل إلى رسول الله صل الله عليه وسلم حتى يُقرأه بعض سور القرآن أي حتى يُحفظه بعض السور ، فأرشدة أن يحفظ ثلاث سور من المبدوءة ب (الر) كسورة يونس أو هود أو يوسف أو ابراهيم ، لكن الرجل اعتذر بأنه كبير السن ولا يستطيع ذلك ، فأرشده أن يحفظ ثلاث سور من المبدوءة ب(حم) كسورة الدخان أو الزخرف أو الجاثية أو الأحقاف ، لكن الرجل اعتذر بأنه كبير السن ولا يستطيع ذلك ، فأرشده أن يحفظ ثلاث سور من المبدوءة ب ( سَبح أو يُسبح) التي تُسمي المُسبحات ومثالها: سورة الصف والجمعة والأعلي والتغابن ، لكن الرجل اعتذر بأنه كبير السن ولا يستطيع ذلك ، ثم قال الرجل: أُريد سورة جامعة تُغنيني عن ذلك كله ، فأرشدة الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم أن يحفظ سورة الزلزلة ، روي الإمام أحمد وأبو داود من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ الر فَقَالَ كَبُرَتْ سِنِّي وَاشْتَدَّ قَلْبِي وَغَلُظَ لِسَانِي قَالَ فَاقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حاميم فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقَالَ اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ الْمُسَبِّحَاتِ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرِئْنِي سُورَةً جَامِعَةً فَأَقْرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زُلْزِلَتْ الْأَرْضُ حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا فَقَالَ الرَّجُلُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَزِيدُ عَلَيْهَا أَبَدًا ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ الرُّوَيْجِلُ مَرَّتَيْنِ ).
قارئ سورة الزلزلة ينال ثواب قراءة نصف القرآن ، وقارئها مرتان ينال ثواب قراءة القرآن كاملاً ، وهذا فضل من الله يكافئ به عباده ،
روي الإمام الترمذي من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ قَرَأَ إِذَا زُلْزِلَتْ ، عُدِلَتْ لَهُ بِنِصْفِ الْقُرْآنِ . وَمَنْ قَرَأَ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ عُدِلَتْ لَهُ بِرُبْعِ الْقُرْآنِ ، وَمَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عُدِلَتْ لَهُ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ ).
اللهم اجعلنا من التالين لسورة الزلزلة المتأملين لمعناها وارزقنا ثواب قرائتها.
بقلم . د / عزام عبد الحميد
أبو زيد فرحات .
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية